الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

يوم الاستقلال .. أم حياة مستقلة ؟

قبل خمسة أيام .. كانت الولايات المتحدة تحتفل بعيد استقلالها عن المملكة المتحدة ، والتي تصادف تاريخ 4 يوليو من كل عام.
ذهبت برفقة زوجتي وصديقاتي المقربات لنشاهد مظاهر الاحتفال في مدينة سان فرانسيسكو مثل الألعاب النارية ، وحتى أكون صادقة ، لم أكن في البداية ملمة بتفاصيل هذا اليوم المقدس للأمريكين ، جل ما فعلته أنني ربطت هذا الإحتفال باليوم الوطني في دولة الإمارات .. اليوم المقدس عندما أصبحت الإمارات السبعة دولة واحدة ..
اليوم الذي يحتفل الشعب بكل سعادة ، ينظمون مسيرة وطنية على الشوارع الرئيسية لكل إمارة، الكل يحضر بسيارته الخاصة وأصوات الأبواق تصدح في كل مكان .. الرجال يرتدون ملابسهم التقليدية ، ويلفون أعناقهم بشال تحمل ألوان علم الإمارات .
في هذا اليوم ، النساء تقررن التخلص من اللون الممل لعباءاتهن المعتادة والشيلة ، واستبدالها بألوان زاهية "الأحمر والأخضر والأبيض، وبكل تأكيد قليل من اللون الأسود".
الناس من كل مكان ، من مختلف الأعمار ، مقيمين ومواطنين سعيدين جدا بالألعاب النارية والأغاني الوطنية التي تصدح في كل مكان . وتلاحظ أيضا علم الإمارات يرفرف عاليا على كل منزل وشركة ومبنى لكل منطقة..
في هذا اليوم ، 4 يوليو 2012، شهدت تقريبا نفس مظاهر الاحتفال بين هذه الدولتين،  بالرغم من أن الأسباب التي تدفع كل منهما للاحتفال مختلفة تماما عن الأخرى. . فالدولة الأولى تحتفل باستقلالها والأخرى تحتفل باتحاد بين إماراتها الصغيرة.  ولهذا أعتقد أنني بدات أفهم طريقة تفكير كل من الشعبين عن الأخر، بين من يبحث عن الاعتماد على الأخر وبين من يسعى لاستقلاله الكلي.   
لهذا السبب، لم تكن رغبتي في حضور هذا الاحتفال لها أية علاقة بالمشاعر الوطنية الجديدة، لكنني كنت أحتفل باستقلالي الشخصي .
كنت أحتفل بالحياة التي لم تعد فيها الخادمات لهن أي أثر.  الاعتماد على الخادمة المسكينة حتى تنظف غرفتي وحمامي، وتجلب لي فطوري اليومي، وكأسي المفضل من الشاي مع النعناع، وتكون على استعداد تام لتنفيذ كل طلباتي ورغباتي .
كنت أحتفل بكوني إنسانة مستقلة مئة بالمئة، مستعينة تماما على جميع قدراتي في كل شيء. لم أعد أوفر طاقتي الجسدية من أجل أزمات محتملة أو كوراث طبيعية قادمة .  
كنت أحتفل بمعرفة قيمة قدماي اللتان باستطاعتهما المشي حتى مسافة لانهائية بين المواصلات العامة بعد أن كنت أتذمر دائما على الدقائق الخمسة عشر التي أقضيها في الإزدحام المروري بين مدينة دبي والشارقة، وانا بداخل سيارتي ذي الدفع الرباعي، المكيف يعمل وغناء مايكل جاكسون يملأ المكان.   
كنت أحتفل باستيقاظي كل الصباح وأنا أفكر بالعشرين دقيقة التي سأقضيها في الذهاب إلى السوبر ماركت وشراء احتياجات اليومية ومن ثم العودة للمنزل لأجهز فطوري المعتاد.  لم تعد هناك معجزات يا جماعة، لن أفتح الثلاجة مجددا ولن أجد كل شيء أحتاجه ولا أحتاجه متوفر دون أن أسأل، ودون أن أحسب كم المبلغ المتبقي حتى آخر الشهر.
أنا أحتفل لأنيي أصبحت كأي شخص آخر، لم أعد إنسانة مميزة فقط لأنني إماراتية، لا وجود لحياة جاهزة ، سيارة ومنزل وعمل وقرض وتعليم ومستشفى!
لا وجود لأي شيء مميز لي فقط لأنني ابنة هذه الدولة ، وأعتقد أن اليوم الذي غادرت فيه الدولة ، عندما كنت في المطار وتجاوزت اللافتة الكبيرة التي تقول " لمواطني الدولة " بكل ثقة، ودون الحاجة إلى الانتظار في الطابور الآخر أين تقف زوجتي مع الجنسيات المائة الأخرى كانت تلك اللحظة هي الخدمة الأخيرة التي تقدمه الدولة لي .
لم أعد فتاة مدللة أبدا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق