الجمعة، 22 يونيو 2012

Call me KUCHU



منذ يومين .. أتيحت لي ولحبيبتي فرصة بين زحمة أيامنا بين هنا وهناك ..

أن نلبي دعوة محاميتنا الموقرة لحضور عرض أول

لفيلم وثائقي اسمه "call me KUCHU"  ..

الذي كان ضمن أفلام كثيرة تعرض في مهرجان أفلام مثلية سنوية

اسمه "Frameline Festival" في سان فرانسيسكو .. 

طبعا كانت هذه المرة الأولى التي تتسنى لنا حضور فيلم بقصة مثلية

في مكان عام مسرح أو سينما ..


الفيلم يحكي قصة رجل أوغندي اسمه ديفيد كاتو ، مواليد 1964 -

وتوفي مؤخرا يوم  26 يناير 2011 ..

ديفيد كاتو هو مدرس أوغندي ويعتبر أول ناشط في مجال حقوق المثليين،

ولهذا يعتبر والد لحركة حقوق مثلي الجنس في أوغندا وشغل منصب

 ضابط الأقليات الجنسية في أوغندا. 

هو أول مثلي يتجرأ أن يخرج علانية ويعلن عن هويته الجنسية في مجتمع متدين منغلق

 يرى المثلية كمرض نفسي مميت أو من الكبائر التي تستحق القتل والنفي..




الفيلم بصراحة رائع .. بل أكثر من رائع .. من تأليف وإخراج الرائعتين

Katherine Fairfax Wright and Malika Zouhali-Worrall


ماعرف كيف أحكي قصة الفيلم لأنه كثير قوي  ومؤثر جدا ..

لدرجة إن في بعض المشاهد دموعي كانت تنزل أربع أربع من غير 

ما أحس ، ولمن صديت لحبيبتي أشوفها تسبح في البحر الأبيض المتوسط،

 ماعرف كيف أسكتها ولا تقدر تسكتني ، وربي كيف 

كان الموقف درامي بشكل خيالي ، لدرجة إن المحامية ظلت تعتذر لنا نص ساعة

بعد الفيلم لأنها اقترحت هالفيلم المؤثر جدا ..

بصراحة اللي بكاني ، إني تخيلت نفسي مكان ديفيد ، هذي مب قصة من خيال وحي

أي كاتب،

لكن حياة حقيقية صارت لإنسان كان يبعد عني البحر الأحمر ..

مأساة لمن تشوف معاناتك الأساسية تشكلت أمامك على شكل فيلم .. ووثائقي بعد !!

المسرح اللي كان يعرض الفيلم كان كبيير جدا ، موقعه في مدينة كاسترو ،

مدينة المثليين بلا منازع ، كانت أول مرة أنا ومرتي ندخل المدينة وندخل المسرح،

وتقريبا أنا أصبت بصدمة نفسية لمدة عشر دقايق لمن شفت رجال عريانين تماما ،

 لا ومزينين أعضائهن التناسلية بأشيا عجيبة ...

هههه بصراحة أنا ما كان قصدي أدقق ، بس من الصدمة كنت أبي أتأكد إنهم عريانين

جد وإلا لابسين ملابس داخلية شفافة .. فقعدت أبحلق لا شعوريا !!!

دخلنا المسرح ،، وكان كبير وزحمة بشكل خراااااافي .. ذكرني بافتتاح القرية العالمية أيام مهرجان دبي

للتسوق أو شي أفظع يمكن !!  وكان مقاعد المسرح عبارة عن مستويين ..

والمستوى الأول كان مليان تماما فاضطرينا نروح

للمستوى الثاني واللي كان قبل عرض الفيلم بعشر دقايق مليان بعد !!

 
تقريبا من غير مبالغة كان فيه أكثر من ألف شخص في المسرح ..

وأنا جلست من الصدمة مرة الثانية عيوني تمر على الحضور ،

عائلات ، مغايرة ومثلية .. وشباب .. وبنات .. حبيبتي ماسكة الفون وتصور يمين ويسار

وتحاول ما يفوتها شي أبدا هههه

شي خرافي بصراحة مقدار الوعي بين الناس لدرجة إن هالعدد الكبير يحضر فيلم

يحكي قصة مناضل مثلي شهيد في نظري !!  

 (الله يرحم أيام اليوتيوب لمن نحاول أنا وحبيبتي 3 ساعات عشان نقدر نشوف ولو مقاطع فيلم مثلي غير محظور !!)

المهم نرجع للدراما .. ديفيد كاتو كان يحاول يدافع عن حقوق المثليين ،

وقرر إنه ما يسكت ، وما يتخبى ورا الأبواب ،  ويضحي بوقته وحياته عشان يوفر

الحرية والأمان للمثليين ، وبدأ يأسس جمعية متواضعة يحاولون من خلال الجمعية 

يعيشون حياتهم  الطبيعية كمثليين ويحمي حقوقهم ..

أفرادها مثليين ينعدون بأصابع اليد الواحدة..  

وبعد فترة ، صحفي في جريدة محلية ينشر صورة ديفيد وغيره على أساس إنه مثليين

ويستحقون القتل ، وتصير موجة من الاضطراب والخوف في البلد ،

 الأطفال والعائلات عايشين برعب ،  ويضطر بعض المثليين يهرب وبعضهم يختفي،

وبعضه يحاول يبتعد عن الشبهة وعن العامة لأن حياته في خطر من كل أحد ..

وهذا الصحفي الحقير ، يرسل بعض الجواسيس لابسين قناع المثلية ،

عشان يوصلون لأفراد الجمعية كلهم وينشرون صور إضافية ..

ويحطون كاميرات في كل مكان وينتهكون خصوصية البشر .. وبعد فترة ، يرجع

هالصحفي الغبي وينشر اسم ديفيد وأصحابه في الجريدة على أساس إنهم المسؤوليين

 عن عملية إرهابية سياسية .. وكأن المثلية شماعة كل الأمراض النفسية والأخلاقية

 للبشر ..

وهنا حبيبي ديفيد ، ما يسكت ويرفع عليه وعلى الجريدة قضية تشهير ،

 ويدخل معهم في دوامات محاكم فترة طويلة ، وفي الأخير

يكسب القضية ضد الجريدة .. وتتغير سياسة البلد وصار المثلية مب جريمة تعاقب

عليها القانون ..

طبعا ، هذه كانت إنجاز لديفيد ورفاقه ، ولصالح المثليين في أوغندا والعالم ، بس طبعا الفرحة ما تستمر ماعرف ليش ،

لا في الحقيقة ولا الأفلام ..  بعد فترة اغتيل ديفيد كاتو على يد مجهولين ،

 بس طبعا رح واحد من المرضى المتعصبين ضد  المثليين ...

وطبعا هذا أقوى مشهد من الفيلم ، المسرح كله صار يدور على كلينكس

 وكل العالم تبكي ، خصوصا إن رجل الكنيسة  اللي كان من المفترض يتمم مراسيم

الدفن، بدأ يصرخ ويلعن ويشتم جثة ديفيد بعد ما اكتشف إنه مثلي وإنه انقتل لنفس السبب 

ورفض يدفنه لأنه على قولته راح يدخل جهنم على طول ، وكأنه حصل تذكرة

vip للجنة !! 

يالله شقد كان الموقف مؤثر ، يختفي الإنسانية  والأخلاق والطيبة والرحمة،

وما تشوف غير الحقد والقلوب المريضة ، بس بعدين

يتدخل أسقف كان بين المعزين ويكمل هو مراسيم الدفن ، ويدعي لديفيد بالراحة الأبدية ..

لمن خلص الفيلم ، كان الحضور متحمس بشكل مب طبيعي ،

وقفنا كلنا وقعدنا نصفق بحرارة لمدة ربع ساعة تقريبا ، كان موقف

بهيبة عظيمة بصراحة .. في حياتي ما حسيت بمثل ذاك الشعور ..

خصوصا من المفاجأة اللي كانت يدامي، الأسقف ، وواحد من

 أصحاب ديفيد في الفيلم على أرض المسرح مع المخرجتين ،

 الناس كانت مبهورة فيهم ومتأثرة كثير ومحد يقدر يوقف تصفيق ،

حتى المخرجتين والأسقف كانوا يبكون ... يعني يوم ببحر من الدموع وربي  !!!




سألت نفسي لحظة نهاية  الفيلم .. هذا فعلا اللي المفروض نعتبره شهيد،

اللي حرق نفسه عشان غيره يعيش ، كيف الله يعذبه ؟

ورجعت سألت نفسي : هل كان المفروض إني أكون مكان ديفيد  وأكافح عشان حقوق

المثلية وحريتهم في بلدي  بدال ما أهرب ؟  وأفكر بحياتي وحريتي؟؟  ..

 مادري لو كان من المفروض إني أفكر بهالطريقة ،   بس يمكن لأني تيقنت

لحظة هجرتي إن حياتي رح تنتهي قبل لا أحد يسمع صوتي أساسا ..

لأن الديمقراطية الإنسانية معدومة قبل الديمقراطية المثلية ..

مارح ألحق أصرخ ، ولا رح ألحق أشعل شمعة ، بس منو يدري؟!!  

بس بجد أتمنى ،، من قلبي أتمنى ،، أعيش لليوم اللي ينخلق فيه أمثال ديفيد في بلدي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق